اسد الصحراء
عدد المساهمات : 30 تاريخ التسجيل : 24/09/2010
| موضوع: علامات على الطريق - نشيد الإعصار المتجول الثلاثاء يونيو 14, 2011 10:49 pm | |
| علامات على الطريق - نشيد الإعصار المتجول
اسم الكاتب : بقلم \\ يحيى رباح حتى خصوصيتنا الفلسطينية الخارقة، بأننا وحدنا دون سوانا بلا وطن نهائي، ولا عنوان ثابت، ولا كيان مرسوم على خارطة العالم، حتى هذه الخصوصية الخارقة، والفاجعة، والفادحة، لم تحمنا من الإعصار الذي يتجول في المنطقة منذ قرابة مائتي يوم، ومازال في أوجه، يمر على الأرض فلا تبقى كما هي، ويجتاح الهياكل المقدسة فيحولها إلى خرائب ينعق فيها البوم، يمر على ما كان يعتقد أنها مسلمات فيحولها إلى مجرد فرضيات هشة وزائفة.إنه الزمن، بوعائه الهائل، ومتناقضاته التي هي جوهر حركته، حين تتفاعل مفرداته بأنماط جديدة، فإن الثوابت الراسخة تصبح مجرد رغاوى زبدية متطايرة، وتتوه الحدود بين الصداقة والعداوة، بين الحب والكراهية، بين الحلال والحرام، بين المباح والمحظور، حتى ان أخطر الأفعال فداحة تصبح أسهلها قولاً وفعلاً، وكل الأناشيد القديمة تصبح هباء، وكل الذكريات القديمة تصبح ضجراً يتم الهروب منه، وكل الأوسمة القديمة التي تسلمها أصحابها وسط الأضواء الساطعة والتصفيق الحاد والمدائح الكبرى، يبيعها أصحابها لقاء كسرة خبز، أو يطمرها أصحابها في الزوايا المظلمة المهملة حتى لا تصبح أدلة اتهام!الإعصار وحده يتجول الآن، يطلق زمجرته الوحشية العاتية نشيداً، ويفتح شهيته التي تتوحش أكثر كلما التهم المزيد من الضحايا! كل نعمة تصبح نقمة، وكل افتخار يصبح عاراً، وكل جمال بمعيار الزمن الآخر قبل الإعصار يصبح قبحاً مذموماً.من هو الغالب ومن هو المغلوب؟من الظالم ومن هو المظلوم؟من هم القابضون على العهد ومن هم المتحولون؟تتلاحق الأسئلة ولا أجوبة، لا أحد مؤهل للإجابة، يفعل الإعصار فعله، يعلق الجميع في جاذبية الإعصار، حتى الذين يظنون أنهم هم الذين أطلقوا المارد من قمقمه، وأطلقوا الإعصار من غفوته في رحم الغيب، وافلتوا التغيير من سلاسله الحديدية، يكتشفون أنهم ليسوا سوى ذرات من الوهم، تتطاير في مدارات جاذبية مختلفة مثلما تتطاير جزيئات من انفلاق نجم بعيد، أو مثلما تنتشر ذرات ماء من ارتطام موج غاضب بصخر عنيد! لا أحد يملك قراره، ولا أحد يحدد مصيره، ولا أحد يرسم نهايته كما يشاء، الطيبون والأشرار، الوطنيون والجواسيس، أهل الطوائف الحاكمة وأهل الفرق النائمة، يعلقون في دوران الإعصار، ولا يعرفون أين تقذف بهم قوة الجاذبية، إلى الجحيم أم إلى النعيم، إلى الانتصار أم إلى الاندثار.نحن فلسطينياً عالقون الآن في فراغات الدهشة، غيرنا أفضل منا حالاً، لديهم ما يرفضونه ولديهم ما يتشبثون به، لديهم ما يخافون عليه ولديهم ما هو زائد عن الحاجة! أما نحن، فماذا لدينا، على ماذا نحرص، وعلى ماذا نثور؟ أين حدود الرضا وأين حدود السخط؟ أين هي علامات الزائل وأين هي بشارات القادم؟ في الوطن الفلسطيني نريد من العالم الاعتراف به وتسجيله حسب القواعد المعمول بها، نحن نعيش تحت قبة الاحتلال، قبة حديدية وقبة أمنية وقبة من التطرف والعنصرية والعربدة تحاصر حتى أحلامنا في المنام، ونحن خارج الوطن، على هامش الهامش، متهمون تحت الطلب في صراعات الآخرين، نصفق ثم نبكي عندما ندرك فداحة ما صفقنا له، نحدق في مسارات الربيع العربي فيأخذنا هول الدهشة بأن الربيع ينحصر بسرعة، وأن أهل الربيع العربي، الثوار، يستعينون على قضاء حوائجهم بصانعي نكبتنا الفلسطينية الأوائل، فيسكننا الشك والخوف من جديد.لا تحزنوا، لا تفرحوا، فالإعصار لا يفصح لكم عن شفرته السرية، ولا يبوح لكم برغباته الحقيقية، الإعصار في بداية انطلاقته، وأخشى أن النهايات السعيدة مازالت بعيدة
منقول | |
|
المدير Admin
عدد المساهمات : 1925 تاريخ التسجيل : 06/07/2009 العمر : 67 الموقع : غريب الدار 92
| موضوع: رد: علامات على الطريق - نشيد الإعصار المتجول الجمعة يوليو 15, 2011 5:59 pm | |
| | |
|