ميدفيدف في فلسطين!!!

ميدفيدف في فلسطين!!!


بقلم : يحي رباح


زيارة الرئيس الروسي إلى أريحا، إلى الأرض الفلسطينية، إلى أرض الدولة الفلسطينية المستقلة، حدث مهم، وعلامة فارقة، برغم كل ما يمكن أن يقول البعض، من أن ميدفيدف الحالي ليس هو بريجنيف الماضي، وأن روسيا الاتحادية ليست هي الاتحاد السوفيتي، وأن القطبية الأحادية للولايات المتحدة الأميركية، أبعدت الآخرين عن القضية الفلسطينية، واستأثرت هي وحدها بالدور، بينما تركت للآخرين أدواراً هامشية!!! ولكن كل فشل تسجله الولايات المتحدة على صعيد القضية الفلسطينية بإداراتها الجمهورية أو الديمقراطية، هو بمثابة شهادة إضافية بأن هذه القضية بحاجة ماسة إلى أدوار كل الأقطاب في المجتمع الدولي، وأن المهمة الرئيسية للقيادة الفلسطينية هي إقناع أقطاب المجتمع الدولي بأن استقلال فلسطين، وانبعاث دولتها المستقلة طبقاً لقرارات الشرعية الدولية، هو في مصلحة الجميع، وهو تعزيز للأمل والسلم في هذه المنطقة، وهو توطيد لأسس التعاون، وأن مفردات القاموس السياسي الفلسطيني ليست مستعصية عند الآخرين، بل هي مفردات قاموسهم المقتنعين به، واعتقد أن هذا ما تفعله القيادة الفلسطينية بامتياز.

ولقد شاءت التقاطعات أن تكون زيارة الرئيس الروسي إلى فلسطين وحدها، وليس إلى إسرائيل، وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية قد تذرعت بإضراب موظفي وزارة الخارجية، فلا بأس، فرب ضارة نافعة، لأن هذه الزيارة التي أكد فيها الرئيس ميدفيدف على ضرورة وقف الاستيطان في عموم الضفة والقدس الشرقية، وذكر فيها بأن روسيا كانت من أول الدول التي اعترفت بدولة فلسطين عام 1988، تسعى إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، وتبذل جهداً لخلق الظروف المساعدة على إنجاحه، هذه المواقف يقولها ويؤكد عليها الرئيس الروسي قبل أيام قلائل من انعقاد لقاء الرباعية الدولية في ميونخ في أوائل الشهر القادم.

هذه الزيارة مهمة جداً، لأنها تكسر حلقة الصمت التي تسعى إليها إسرائيل معتمدة على دوران الإدارة الأميركية في الحلقة المفرغة، حيث المفاوضات متوقفة، والاستيطان مستمر، ولا شيء يعكر صفو هذه الحالة الاستاتيكية، وخاصة مع معطيات جديدة وانهيارات جديدة تتوالى في المنطقة، مما قد تعتبره حكومة نتنياهو فرصة لها لاستغلال الوقت، والذهاب إلى آخر الشوط.

ولكن هذه الزيارة هي تأكيد جديد بأن العالم منتبه، وأن السيناريو الإسرائيلي ليست أمامه طرق مفتوحة، بل إن الحراك الداخلي في حزب العمل الذي جرى منذ أيام هو أحد العلامات البارزة أن سيناريو العربدة الإسرائيلية لن يمر بسهولة، وأمامه عوائق رئيسية كثيرة، أهمها استمرار السلطة الوطنية الفلسطينية في تنفيذ برامجها على الأرض، بناء المؤسسات ، تنمية قواعد اقتصاد فلسطيني، القدرات الأمنية بمستوى التزامات دولة، واستمرار التقدم أيضاً في قرار الدولة، ونقله إلى كل الهيئات الدولية، بثبات، ودون تراجع.

نتنياهو وائتلافه الحاكم ليسوا المتحكمين في الوضع – كما يتوهمون – صحيح أنهم كقوة احتلال يضعون العراقيل ويتحملون المسؤولية، ولكن فكرة أنهم الخصم والحكم أصبحت فكرة غبية مرفوضة من الإجماع الدولي، ومرفوضة من الشعب الفلسطيني من خلال مؤسساته العاملة في الميدان، وربما من خلال هذا الفهم فإن الرئيس أبو مازن وفي مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس الروسي، خيّر إسرائيل بين خيار العنف والإرهاب أو خيار المفاوضات والسلام، ودعاها إلى الخيار الأفضل، بتنفيذ التزاماتها المطلوبة منها، والتي يطالبها المجتمع الدولي كله بتنفيذها.

في ربع الساعة الأخير قبيل الوصول إلى الدولة، تبدو المعركة محتدمة، وطاحنة، وشديدة التعقيد، وواسعة التداخلات، ولكن الشيء المهم وسط هذا الصخب والآلام أن لا نفقد الاتجاه السليم، وأن لا نفقد الأمل.

منقول