غريب الدار


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارةالمنتدي
غريب الدار


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارةالمنتدي
غريب الدار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

غريب الدار

غريب الدار
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سعد الدين الشاذلي : مفارقة الرحيل الذهبيّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
Admin
المدير


عدد المساهمات : 1925
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
العمر : 67
الموقع : غريب الدار 92

سعد الدين الشاذلي : مفارقة الرحيل الذهبيّة  Empty
مُساهمةموضوع: سعد الدين الشاذلي : مفارقة الرحيل الذهبيّة    سعد الدين الشاذلي : مفارقة الرحيل الذهبيّة  Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 15, 2011 7:06 am

سعد الدين الشاذلي : مفارقة الرحيل الذهبيّة


بقلم // عدلي صادق

أغمض الفريق سعد الشاذلي عينيه، ليغادر الحياة الدنيا، في ذات اللحظة، التي حملقت فيها عينا مبارك، تفتش عن ملاذ آمن، فيما هو يغادر قصر الرئاسة، مُلاحقاً بهدير مضاد، من حناجر الملايين. كان الثاني، كقائد سلاح الطيران، واحداً من أربعة عشر جنرالاً، هم آمرو الأسلحة الرئيسة ومعهم آمرو المناطق العسكرية؛ اختصهم سعد، عندما شغل موقع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، لكي يأتونه ومعهم كبار ضباط قطعاتهم ومناطقهم، للمشاركة في مؤتمر شهري، بادر هو الى تنفيذ فكرته، كتقليد أشبه بورشة عمل، علمية تعبوية واستراتيجية. كان سعد الشاذلي، يترأس بنفسه المؤتمر الشهري، فيُحاضر، ويفتح باب النقاش، ويستمع الى الآراء والمداخلات، ويتأمل الرؤى المتعلقة بمعركة الثأر للجندية المصرية، ومعركة استرجاع الحق. كان عدد المشاركين يصل الى مئة، من بينهم مبارك، فيعتصر الشاذلي أمامهم روحه وعقله ويشحذ هممهم. فقد كان يرى أن أفضل طريقة لامتلاك البراعة في الحرب، هي التعلّم في الحرب نفسها، لأن التدريبات لا توفر الظروف النفسية الناشئة عن القتال الفعلي. وفي هذا السياق، لم تأخذ الرجل انشغالات المواجهة، بعيداً عن القرطاس والقلم والخلفيات الأدبية للحرب، فدأب يكتب كُراسات توجيهية، ويطبعها، تتعلق بكل شيء عن العدو، وتتعلق بالتقديرات الميدانية، وبظروف الموقع والكتيبة والفرقة والنسق، من حيث المستوى الفني للجنود، وانضباتهم، وسمات حياتهم، ومعداتهم وصيانتها، ومن حيث لياقتهم البدنية، وروحهم المعنوية وغير ذلك!

اختلف سعد الشاذلي مع الرئيس السادات حول مسائل في نطاق ما يسمونه 'المناورة بالقوات' عندما التقط الأمريكون، بطائرة استطلاع فائقة السرعة، فجوة بين الجيشين الميدانيين، الثاني والثالث، ليندفع شارون قائد إحدى الفرق المدرعة آنذاك، بموجب الصور الجوية الأمريكية، الى فتح الثغرة بلواء واحد مدرع وفرقة مشاة. اختلف السادات مع رئيس أركانه، حول كيفية تصفية الثغرة: الأول يتعلل بفرضية معنوية، يصعب معها أن تتراجع أو تنكفيء أية قوة، بعد أن عبرت القناة وتقدمت، والثاني يستند الى حسابات الميدان فيطلب إعادة أربعة ألوية مدرعة لتصفية الثغرة، بعد عبورها من الشرق الى الغرب، مع يقينه بأن ذلك لن يؤثر على ثبات الفرق الخمس التي عبرت القناة، في مواقعها. كانت النتيجة، أن وقعت بين الرجلين خصومة، زادها عمقاً توسع الثغرة. وكانت النتيجة، أن العدو حاصر الجيش الثالث تماماً، في سيناء عند الطرف الجنوبي للجبهة، ووسع منطقة سيطرته على الضفة الغربية للقناة، وإن أحبطته المقاومة الباسلة في السويس والإسماعلية!

المهم، كتب الراحل الشاذلي ونشر روايته عن الحرب، مفصلة، أثناء إقامته الطويلة لاجئاً في الجزائر. وانشغل في كتابات أخرى في التاريخ العسكري، يحلل بلغة عسكرية، وقائع الحروب الصليبية. لكن رواية حرب 73 لاقت رد فعل غاضباً من السادات، ثم أحيل الكتاب الى القضاء العسكري، باعتباره عملاً من أعمال إفشاء الأسرار. حوكم سعد غيابياً، وصدر الحكم ضده بالسجن ثلاث سنوات. وبعد ما يزيد عن عقد من اغتيال السادات، عاد سعد الدين الشاذلي الى بلاده وقد ناهز عُمره السبعين، في ذروة حكم مبارك. وفي المطار، لم تشفع للرجل رفقة السلاح ولا أقدميته في المسؤولية، ولا كونه المهندس الحقيقي لحرب رمضان وصاحب خطتها المعتمدة 'المآذن العالية' التي لم يغيّر فيها السادات سوى اسمها (الى 'بدر'). ولم تشفع لسعد، مآثر عطائه للمؤسسة العسكرية، ولا تقدمه في السن، ولا تقاليد أرساها، فصارت مدرسة عسكرية بحد ذاتها. أحيل الى السجن، وحرم من حق يكفله نص قانوني، وهو أن تعاد محاكمة المحكوم غيابياً في حال العودة طوعاً. وأمضى سعد المدة في السجن، وبعد انقضاء محكوميته، ظل منكسر النفس متوارياً عن الأنظار لا يزاول نشاطاً. كأنما أنفاس الرجل الثمانيني، الزاحف الى سقف العقد التاسع، صمدت لكي يكف القلب عن الخفقان، في لحظة مواتية!

* * *

مفارقات عدة، كبرى ومدهشة، رسمت تاريح حياة سعد الدين الشاذلي. ضابط في الحرس الملكي، يلتحق ملازماً صغيراً، ضمن سرية خاصة من ذاك الملكي، لمقاتلة النازية في الصحراء الغربية، فيبدأ مآثره في التدابير الميدانية، عندما أصر على تدمير المعدات السليمة، بعد انسحاب الجيش المصري وحلفائه البريطانيين آنذاك. ثم يلتحق بالقتال في فلسطين، على رأس السرية الخاصة نفسها، في منتصف العام 1948 إذ استدعاها الملك فاروق متأثراً بإطلاق النار عليه عندما مرّ بسيارته بمحاذاة مستوطنة 'كفار دروم' في شرقي دير البلح. كان ذلك حادث أدى الى اقتلاع 'كفار دروم'. غير أن الذي قاتل بإمرة القصر، تأثر بزملائه الضباط الأحرار الناقمين الذين أرادوا التغيير، فالتحق بهم. وكضابط مظلي تدرج تحت السلاح، وصل الى رتبة لواء في العام 67. لكن سعد الشاذلي لم يكن كأي لواء في تلك الحرب. ففي مساء يوم الإجهاز على الطيران، وبعد انقطاع الاتصالات، اشتق الشاذلي لنفسه مهمة أخرى، تتناسب مع وضعية الإنكشاف من الجو. فبدل أن يبقى في وسط سيناء لحماية تقاطعات الطرق، توغل مع جنوده في النقب، وما أن طغت الحقائق الكارثية، استطاع الانسحاب بروح الهجوم، ليعبر الصحراء عائداً مع قواته، دونما خسائر أو انهيار في القوات.

منذ تلك السنة، بدأ نجمه يصعد، فأحيلت اليه مسؤوليات في المناطق الضعيفة، وبعد كل تجربة كان يعمم خلاصات دروسها وتأملاته اثناءها، في سياق رأي شهير له، وهو ضرورة أن نقاتل إسرائيل في الظروف غير المواتية لها. ولطالما عدّد وشرح هذه الظروف، كمفكر عسكري!

لعل أجمل ما يتصل بذكائه في اختيار اللحظات، حتى أكرمه الله بلحظة معبرة تفيض فيها روحه، هو ما عُرف عنه من حرص على الإحساس بنبض الجنود. فالجنود، بالنسبة للقائد العسكري، هم ملخص الشعب. فلم تكن تقارير القادة الضباط، عن واقع قطعاتهم، تشبع سعد عندما كان رئيساً للأركان. كان نهمه الى معرفة الواقع التفصيلي للقوات، يضطره الى الاتصال مع المستويات الصغرى. وكان ذلك هو شأنه، منذ أن كان قائد كتيبة. يجتمع يومياً مع ضباطه وجوده. ثم وهو قائد لواء مشاة، ثم قائد سلاح (الصاعقة والقوات الخاصة). أراد دائماً ان يلمس القدرات، وأن يعالج نقاط الضعف التي يكتشفها. والأهم من ذلك كان شديد الاهتمام بالتأثير المعنوي والفكري. ما أزعجه وهو رئيس أركان، وجود سبع مراتب قيادية بينه وبين الجندي، وكان يقول لو أن كل واحد من هذه المراتب، أخطأ أو لم يوفق تماماً في نقل التوجيه الى مرؤوسه، فلن يكون الحصاد جيداً. لذلك ابتدع سعد الشاذلي، مؤتمراته الشهرية، ونشر كراساته، وشدد على توجيهاته المرقمة. في يوم عبور قناة السويس، أرسل للجنود التوجيه 41 الذي يعالج عملية تنظيم التدافع على الضفة الشرقية للقناة، وكيفية انتظام العملية لكل فرقة مشاة. ولم يخب ظن الرجل في تحقيق الإحساس بنبض الجنود، لذا بادره جنوده على الجبهة، في اليوم الثالث للحرب بالهتاف: المجد للتوجيه 41!

كأنما الإحساس بنبض الجنود والناس، رافقه حتى الرمق الأخير، فأغمض عينيه في لحظة ذهبية، أضاءت الطريق الى الحق والعدالة، والى كرامة المصريين. فقد قاتل سعد من أجل هذه القيم، ويجدر بالمصريين والعرب، أن يستذكروا سعداً، هذا السمِيُ النبيل لسعد الأول، سهم المسلمين ورمحهم. رحم الله سعد الشاذلي، وسعد صايل، وكل السعداء الراحلين على طريق الحرية!


منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sumar92.yoo7.com
 
سعد الدين الشاذلي : مفارقة الرحيل الذهبيّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
غريب الدار :: قسم اخبار السياسة والاقتصاد :: ركن أخبار السياسة :: ركن الشخصيات العالمية والتاريخية-
انتقل الى: