الصينيون هل يلبسون ما يصنعون؟

الصينيون هل يلبسون ما يصنعون؟



الصينيون هل يلبسون ما يصنعون؟


الكاتب: م.طارق أبو الفيلات
سؤال بسيط بريء براءة اللسان الذي أطلقه,طفلتي سالي في العاشرة من العمر اصطحبتها معي لاشتري لها حذاء لحضور مناسبة عائلية لدينا,ومن مقعدها خلفي في السيارة كانت تروي لي كيف ان إحدى صديقتها اشترت "بوطا"صينينا تلف خلال يومين وإنها تريد حذاء لا يتلف بسرعة ,دخلت وإياها محلا لأحد الأصدقاء الذي أصبح يستورد من الصين فسألته عن حذاء محلي فبادر بلا تردد لا يوجد إي حذاء محلي المحل فيه بضاعة صينية فسالت بنوع من الخبث هل هي جيدة فرد بلا تردد لا اضمن ذلك,شكرته وغادرت وتوجهت إلى محل تاب عن الاستيراد ولدية بضاعة محلية فاشتريت لها حذاء محليا مكفولا مضمونا وبنفس السعر الذي كنت سادفعة للصيني.

وفي طريق العودة طلبت زوجتي عبر الهاتف ان احضر "كلوتا"طويلا احمر اللون لابنتي الصغرى فتوقفت قبالة محل يتعاطى بمثل هذه الأصناف وانأ اعلم ان لا مجال للسؤال عن منتج محلي من هذا النوع فبادرتني سالي قائلة ان أمها اشترت مرة كلوتا من هذا المحل فصبغ لونه جلد أختها,فعلقت أنها البضاعة الصينية الرخيصة الرديئة المسمومة وأطلقت العنان للساني أفند الخطر الصحي للمنتجات الصينية وهنا سالت سالي "طب الصينيين يلبسوا هذه الملابس؟"

ولا أنكر انني فوجئت بالسؤال وإنني احتجت إلى ثوان للتفكير وللحقيقة لا اذكر انني سالت نفسي هذا السؤال بالرغم من انني جعلت قضية الاستيراد من الصين قضيتي وشغلي الشاغل وللحقيقة احتجت ثواني لاستجمع شتات فكري والملم بقايا طلاقة لساني وأجبت بصوت يفتقد نبرة اليقين قلت :لا إنهم يصنعونها لأننا نطلبها هكذا وهم لا يلبسونها.

عدت إلى البيت وقررت ان أتيقن من صدق جوابي,فبدأت اسأل أصدقائي من مستوردي الأحذية والملابس ومن أشخاص آخرين يزورون الصين بانتظام وأخذت اسألهم هل يلبس الصينيون الأحذية والملابس التي يصدرونها ألينا؟هل أسواقهم مفتوحة لهذه النوعية من البضائع الرخيصة؟

كنت على صواب كان جوابهم مثل جوابي هذه البضائع للتصدير فقط,بل ان كثيرون أكدوا إنهم لم يتمكنوا من شراء أحذية او ملابس من أسواق المدن الصينية لارتفاع سعرها الناتج عن جودتها ومتانتها ولنوعيه المواد الخام المستعملة فيها,بل ان احد الأصدقاء أكد لي انه بحث عن سلعة رخيصة من النوعية التي تزكم أنوفنا هنا ليحضرها كهدية فلم يجد.

وعلق صديقي ان المواطن المستهلك الصيني عزيز على حكومته بحيث لا تسمح حكومته باستغلاله ,والأسواق هناك تخضع لرقابة شديدة فبضائعنا تخرج من المصنع إلى الميناء إلى اسواقنا لا يفحصها فاحص ولا يرقبها مراقب ولا يهتم احد مم صنعت وما هي السموم التي تحملها فمن سيلبسها أهون على المستوردين وعلى حكومته من ان يؤنبهم ضمير او يورقهم هم صحته او ماله.

اعتدنا ان نسمع ان البضاعة المعدة للتصدير إلى دول تحترم نفسها تكون دائما أفضل من تلك التي ستباع في السوق المحلي ولكن الصين كالعادة كل شيء فيها غريب عجيب .

ولا أجد من العدل والإنصاف ان ألوم الصين على ذنب نحن من نقترفه وعلى جريمة نحن نقترفها وعلى بلاء نحن من نجلبه........
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

القنصل الصيني في جدة علق على نتائج فحص أجرته السعودية على الملابس الصينية في ميناء جدة وكانت نتائج الفحص ان 10%من ما تم فحصة متسرطن,فقال ان تجاركم يطلبون أسوا وارخص بضاعة من مصانع لا تخضع للرقابة.
طبعا عذره أقبح من ذنبه فهم يصدرون السرطان لا سامحهم الله هم ومن يشتري منهم.
كنا وما زلنا نسمع ان المصانع الإسرائيلية إذا صنعت لسوقنا الفلسطيني اختلفت مواصفات المنتج, فالمنتج المعد للسوق الإسرائيلي دائما أفضل وأجود من ذاك المرسل إلى اسواقنا,ونعلم ان سلطات المواني الإسرائيلية لا تهتم بفحص الجودة والسلامة للسلع التي يجب ان تخضع للفحص إذا كانت وجهة الحاوية هي السوق الفلسطيني بل أنها كانت تطلب تعهد من المستورد الفلسطيني ان هذه السلع لن تصل إلى السوق الاسرائلي نظير ان تسمح بدخول بضائع رديئة.

مكب نفايات هي اسواقنا ,وفار تجارب هو مستهلكنا,وجلاب سرطان هو مستوردنا,وحمالة سموم هي أجسادنا,وجابية ضرائب هي حكومتنا.فهل نستحق أفضل من ذلك؟

هانت علينا صناعتنا وهانت علينا صحتنا فهنا على الناس.

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام

م.طارق أبو الفيلات

رئيس اتحاد الصناعات الجلدية الفلسطينية
عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية


منقول